تتأرجح الأسهم الصينية على شفا تصحيح مع تزايد حذر المستثمرين من بطء وتيرة الحكومة في طرح تدابير التحفيز. أنهى مؤشر CSI 300، وهو مؤشر مرجعي رئيسي للأسهم الصينية، يوم التداول منخفضًا بنسبة 0.6٪، ليصل إجمالي انخفاضه من أعلى مستوى له مؤخرًا في 8 أكتوبر إلى ما يقرب من 10٪. إن الانخفاض بهذا الحجم من شأنه أن يشير رسميًا إلى تصحيح فني، لكن التقلبات الحادة في أسواق الأسهم الصينية جعلت مثل هذه المؤشرات أقل أهمية للمستثمرين.
ويأتي هبوط المؤشر بعد فترة من التقلبات المتزايدة التي بدأت في أواخر سبتمبر/أيلول عندما ارتفعت التفاؤل على خلفية سلسلة من التدابير التحفيزية التي قدمها البنك المركزي الصيني. وقد أثارت هذه التدابير في البداية موجة صعود، ولكن مع تباطؤ بكين في متابعة خطط الإنفاق المالي الملموسة، بدأ هذا التفاؤل يتلاشى. فقد تباطأ ارتفاع السوق السريع ــ أكثر من 30% في ثلاثة أسابيع ــ بسرعة، وترك الافتقار إلى المزيد من الإجراءات العديد من المستثمرين يتساءلون عما إذا كان الارتفاع قد بلغ مداه.
تآكل ثقة المستثمرين
وقد تحولت معنويات السوق إلى الحذر مع تساؤل المستثمرين عما إذا كانت السلطات الصينية ملتزمة حقًا بنشر القوة النارية اللازمة لتنشيط الاقتصاد واستقرار الأسواق المالية. وقد أدى التأخير في طرح حزمة تحفيز مالي أكثر شمولاً إلى موجة من الشكوك. وعلق مارفن تشين، الاستراتيجي في بلومبرج إنتليجنس، قائلاً: "إن هذا الارتفاع التاريخي في الزخم في نهاية سبتمبر غير مستدام بالطبع، وبالنظر إلى مدى سرعة ارتفاع الأسواق، فقد تنخفض بنفس السرعة". وأضاف تشين أنه في حين تتجه الإجراءات السياسية في الاتجاه الصحيح، فإن التقلبات الشديدة في السوق جعلت التوقعات أكثر صعوبة.
في الواقع، فإن الارتفاع والتراجع اللاحق لمؤشر CSI 300 يرمزان إلى حالة عدم اليقين الأوسع نطاقا في أسواق الصين. وفي حين ارتفع المؤشر القياسي بأكثر من 30% في أعقاب إعلانات التحفيز في سبتمبر/أيلول، فإن ارتفاعه السريع ترك المستثمرين منقسمين حول ما إذا كان الارتفاع مجرد عثرة قصيرة أو ما إذا كان هناك مجال لمزيد من المكاسب.
وقد أظهر استطلاع أجرته شركة بنك أوف أميركا للأوراق المالية في الفترة من الرابع إلى العاشر من أكتوبر/تشرين الأول أن مديري الصناديق منقسمون. فقد رأى حوالي نصف المشاركين إمكانية ارتفاع أسهم الشركات الصينية الخارجية بنسبة تصل إلى 10% على مدى الأشهر الستة المقبلة، في حين توقع 33% آخرون مكاسب تتراوح بين 10% و20%. وعلى نحو أكثر تفاؤلاً، أفاد ما يقرب من ثلث مديري الصناديق بزيادة تعرضهم للسوق، وهي قفزة كبيرة من 8% فقط في الشهر السابق. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة، حيث يعتقد ثلاثة أرباع المشاركين أن السوق تمر بـ"انخفاض هيكلي"، مما يشير إلى تحديات طويلة الأجل.
قطاع العقارات في دائرة الضوء
الحدث الرئيسي القادم في السوق هو مؤتمر صحفي لوزير الإسكان الصيني، ني هونغ، المقرر عقده يوم الخميس. وينتظر المستثمرون بفارغ الصبر تفاصيل التدابير الجديدة لدعم قطاع العقارات المتعثر في البلاد، والذي كان نقطة محورية للمضاربة في السوق. وقبل المؤتمر الصحفي، شهدت أسهم العقارات الصينية انتعاشًا ملحوظًا، حيث ارتفع مؤشر بلومبرج إنتليجنس لأسهم المطورين بنسبة 10٪ بعد انخفاض حاد في وقت سابق من الأسبوع.
كان قطاع العقارات متقلباً بشكل خاص، حيث يقع في قلب التحديات الاقتصادية الأوسع التي تواجهها البلاد. وقد تقلبت توقعات السياسات، مما أدى إلى تقلبات حادة في أسعار الأسهم. ويأمل المستثمرون أن توفر إحاطة ني هونغ الوضوح بشأن استراتيجية الحكومة لدعم سوق العقارات، والتي تظل عنصراً حاسماً في التعافي الاقتصادي الشامل في الصين.
ولكن المحللين يحذرون من الإفراط في التفاؤل. وحذر في سيرن لينج، المدير الإداري في بنك يونيون بانكير بريفي، من أن الإحاطات السابقة التي قدمها كبار المسؤولين الاقتصاديين كانت مخيبة للآمال. وقال لينج: "لقد كانت آخر مؤتمرين صحفيين عقدتهما لجنة التنمية والإصلاح الوطني ووزارة المالية مخيبين للآمال، لذا فلا ينبغي أن يكون هناك سبب لرفع الآمال بشأن الإحاطة التي ستُعقد غداً".
الطريق إلى الأمام غير مؤكد
لا تزال سوق الأسهم الصينية تمر بمنعطف حرج. ورغم أن تدابير التحفيز قدمت بعض الراحة، فإن المستثمرين يتطلعون إلى إجراءات أكثر حسماً من جانب بكين لمعالجة التباطؤ الاقتصادي في البلاد. ويُنظَر إلى قطاع العقارات، على وجه الخصوص، باعتباره ساحة معركة رئيسية حيث قد يكون للتدخل الحكومي تأثير ملموس على الثقة الاقتصادية الأوسع نطاقاً.
في الوقت الحالي، يبدو السوق محاصراً بين التفاؤل العابر والشكوك المستمرة. وإذا جاءت إعلانات السياسات المقبلة أقل من التوقعات، فقد يتسارع الاتجاه الهبوطي الحالي، مما يدفع الأسهم الصينية إلى عمق منطقة التصحيح. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي الالتزام القوي من جانب الحكومة بدعم النمو إلى إعادة إشعال موجة الارتفاع، مما يوفر الأمل في أن الاقتصاد الصيني لا يزال على مسار التعافي.