في عالم حيث كان التواصل البشري يعتمد منذ فترة طويلة على الشاشات، ظهرت حدود جديدة، مما أدى إلى تعميق الهوة الواسعة بالفعل بين العلاقات الحقيقية والتفاعلات السطحية: وسائل التواصل الاجتماعي التي يقودها الذكاء الاصطناعي. إن الإصدار الأخير من SocialAI، وهو تطبيق iOS مصمم كـ "شبكة اجتماعية للذكاء الاصطناعي الخالص"، هو انعكاس صارخ لمدى تدهور التفاعل البشري الحقيقي في العصر الرقمي. في عالم لا يوجد فيه أشخاص حقيقيون، يجد المستخدمون أنفسهم يتحدثون مع حلقة لا نهاية لها من الروبوتات المولدة بشكل مصطنع - لا تجاهل، ولا صمت، ولا انتقاد من أفراد حقيقيين. إنها وسائل التواصل الاجتماعي بدون "الاجتماعي".
والسؤال هنا هو: ماذا يعني اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لمحاكاة الشيء الذي يبدو أننا فقدناه ــ التفاعل البشري؟ من نواح عديدة، يمثل الذكاء الاصطناعي الاجتماعي المظهر النهائي لاتجاه انحداري طويل الأمد في الاتصال الاجتماعي، حيث تقدم المنصات التي كانت تهدف ذات يوم إلى تعزيز العلاقات الإنسانية للمستخدمين الآن تجربة اصطناعية بالكامل، خالية من المشاركة البشرية الفعلية. وهو تذكير قاتم بحالة الاتصالات الحديثة، حيث أصبحت حتى محاولاتنا للتواصل منفصلة عن الواقع.
وهم التفاعل
في جوهره، يقدم SocialAI محاكاة لوسائل التواصل الاجتماعي التقليدية - المنشورات والتعليقات والإعجابات والردود - ولكن مع إضافة: كل ما يواجهه المستخدمون يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. لا يوجد بشر وراء الردود، ولا أصوات حقيقية، فقط ردود فعل مبرمجة مسبقًا مصممة لمحاكاة إيقاعات المحادثة الحقيقية. وهذا يطرح السؤال: هل تم تقليص التجربة البشرية إلى مثل هذه التفاعلات السطحية حتى أن الروبوتات يمكن أن تلبي حاجتنا إلى التواصل؟
يصف مؤسس التطبيق مايكل سايمان هذه التجربة بأنها "محررة"، حيث تقدم للمستخدمين الفرصة لمشاركة أفكارهم وتلقي ردود فعل لا نهاية لها دون خطر الحكم عليهم أو رفضهم من قبل البشر الآخرين. إنها مساحة آمنة وقابلة للتنبؤ حيث يحل وهم التفاعل محل فوضى العلاقات الحقيقية. ولكن إلى أي مدى يمكن أن تكون المحادثة محررة عندما تفتقر إلى التعقيد وعدم القدرة على التنبؤ والعمق الذي يميز التواصل البشري؟
في SocialAI، يختار المستخدمون من بين مجموعة من شخصيات الروبوتات ــ من "المشجعين" إلى "المنتقدين" إلى "المتصيدون" ــ ويصممون غرفة صدى خاصة بهم من الاستجابات. وسواء كان الهدف هو التحقق من صحة البيانات، أو الفكاهة، أو ردود الفعل البناءة، فإن التفاعلات مصطنعة مثل الكود الذي يحركها. ورغم أن هذا قد يوفر شعورا مؤقتا بالرضا، فإن غياب الأشخاص الحقيقيين يجعل التمرين بأكمله فارغا. فما الذي نكسبه حقا عندما تكون الاستجابات التي نسعى إليها ليست أكثر من انعكاسات لما نعرفه بالفعل أو نتوقعه؟
العواقب المأساوية للانقطاع
إن صعود منصات مثل SocialAI هو أحد أعراض اتجاه أكبر وأكثر إزعاجًا: تآكل الاتصال البشري الهادف في عالم رقمي متزايد. كانت وسائل التواصل الاجتماعي تُشاد بها ذات يوم باعتبارها أداة لجمع الناس عبر مسافات شاسعة، وتقديم فرص للحوار والتفاهم. ولكن مع مرور السنين، تحولت هذه المنصات إلى ساحات للتفاعل الأدائي - الإعجابات والمشاركات والتعليقات التي تفتقر غالبًا إلى الجوهر. وتذهب SocialAI إلى أبعد من ذلك، حيث تزيل حتى ذريعة الاتصال البشري. ليس الأمر أن الاستجابات ليست حقيقية؛ بل إن الناس ليسوا كذلك.
إن هذا التحول نحو التفاعلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يثير سؤالاً مؤلماً حول مستقبل العلاقات الإنسانية. هل نحن متعطشون للتواصل إلى الحد الذي يجعلنا على استعداد للاكتفاء بالروبوتات التي لا تتركنا أبداً على "القراءة"؟ أم أن ثقافة الإشباع الفوري والشخصيات المختارة بعناية قد جعلتنا غير قادرين على تقدير قيمة التبادلات الإنسانية الحقيقية؟ إن وجود منصة مثل SocialAI يشير إلى أن الإجابة قد تكون نعم بالنسبة للعديد من الناس.
في عصر حيث الوحدة والعزلة من المخاوف المتزايدة، فإن التحول إلى الذكاء الاصطناعي كبديل للمحادثة الحقيقية هو تعليق قاتم على مدى انقطاعنا. قد يوفر SocialAI مساحة آمنة خالية من الحكم أو الرفض، لكنه يزيل أيضًا الضعف والمخاطر العاطفية والأصالة التي تجعل العلاقات تستحق العناء. إنها بيئة معقمة حيث يمكن التنبؤ بكل تفاعل، وفي هذه القدرة على التنبؤ، يتم فقدان شيء حيوي.
اختفاء التعاطف
إن أحد أعمق الخسائر الناجمة عن هذا التحول نحو التفاعل القائم على الذكاء الاصطناعي هو تآكل التعاطف. فالمحادثات البشرية الحقيقية تتطلب منا الاستماع والفهم والاستجابة مع مراعاة أفكار ومشاعر وتجارب شخص آخر. ولكن الذكاء الاصطناعي الاجتماعي يزيل هذا تماما، ويستبدل الحاجة البشرية إلى التعاطف بسلسلة من الاستجابات المبرمجة المصممة لاسترضاء أو استفزاز المستخدم، اعتمادا على تفضيلات المستخدم.
لا يمكن ترميز التعاطف. فهو اتصال عاطفي، واعتراف بإنسانية شخص آخر. وفي غياب الأشخاص الحقيقيين، يُترَك مستخدمو SocialAI للتحدث مع آلات لا تستطيع الشعور أو الاهتمام أو الفهم. وبمرور الوقت، قد تؤدي عادة التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بدلاً من البشر إلى إضعاف قدرتنا على التعاطف تمامًا. وإذا كانت الاستجابات التي نتلقاها ليست أكثر من انعكاسات لمدخلاتنا الخاصة، فقد نفقد القدرة على التعامل مع وجهات نظر وعواطف خارج نطاقنا.
مستقبل من العزلة؟
قد تبدو رؤية مايكل سايمان لتطبيق SocialAI ــ المنصة التي تقدم ردود فعل وتأملات لا نهاية لها ــ وكأنها ملاذ آمن لأولئك الذين يعانون من الوحدة أو القلق الاجتماعي. ولكن هل هو حقا الحل لحاجتنا إلى التواصل، أم أنه مجرد هروب مؤقت من عدم الراحة الذي تسببه العلاقات الحقيقية؟ يعترف سايمان نفسه بأن التطبيق وُلد من مشاعر العزلة التي انتابته. ولكن باللجوء إلى الذكاء الاصطناعي طلبا للعزاء، ألا نعمل ببساطة على تعميق المشكلة ذاتها التي نسعى إلى حلها؟
إن حقيقة وجود منصة مثل SocialAI ــ واستقبالها بحماس ــ تسلط الضوء على مدى ابتعادنا عن التفاعل البشري الأصيل. وهو تعليق مأساوي على حالة عصرنا الرقمي، حيث أصبحت حتى وسائل الإعلام الاجتماعية، التي كانت ذات يوم أداة للتواصل، ملاذاً للعزلة. وفي عالم حيث ننسحب بشكل متزايد إلى الفضاءات الافتراضية، يتلاشى الخط الفاصل بين الاتصال والعزلة، مما يتركنا نتساءل: هل نتواصل حقا، أم أننا نتحدث إلى أنفسنا ببساطة؟
إن إطلاق SocialAI قد يكون معجزة تكنولوجية، ولكنه أيضا رثاء لتدهور العلاقات الإنسانية الحقيقية. وبينما نتنقل في عالم مدفوع بشكل متزايد بالذكاء الاصطناعي، يتعين علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت الراحة والأمان تستحق تكلفة الاتصال الحقيقي. والخطر هنا هو أنه في سعينا إلى العزاء في الاستجابات المبرمجة، قد ننسى كيف نتواصل حقا مع بعضنا البعض. وفي هذا النسيان، نفقد الشيء الذي يجعلنا بشرا: قدرتنا على التواصل.