ارتفاع الديون بشكل كبير، وتفاقم الانقسام السياسي
في تطور يذكرنا بصدمة سينمائية، الولايات المتحدة؛ وارتفع الدين الوطني إلى مستوى غير مسبوق بلغ 34 تريليون دولار. ولا يعتبر هذا الرقم مجرد رقم إحصائي، بل بمثابة إنذار صارخ يشير إلى تحديات اقتصادية وشيكة وخلاف سياسي عميق. يسلط الكشف الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية الضوء على المأزق المالي الذي يؤدي إلى تفاقم الانقسام الحزبي، مما يمهد الطريق لمواجهة دراماتيكية في الميزانية.
يؤدي الوباء إلى ارتفاع غير متوقع في الديون
لقد اتخذ مسار الدين الوطني الأمريكي، الذي كان يُعتقد ذات يوم أنه قضية بعيدة، منعطفا صعوديا حادا. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الدين سيصل إلى هذا الحجم بحلول عام 2029، لكنه تجاوز التوقعات، ليصل إلى 34 تريليون دولار في وقت أقرب بكثير. وكان العامل المحفز لهذه الزيادة السريعة هو جائحة عام 2020، التي أصابت الاقتصاد بالشلل. رداً على ذلك، ضخت الإدارات المتعاقبة في عهد ترامب وبايدن أموالاً كبيرة في مجرى الدم الاقتصادي، بهدف تحقيق الاستقرار فيه وتنشيطه. ولكن هذا الدعم المالي للحياة كان له عواقبه، وأبرزها التضخم، الذي أصبح أشبه بالوحش الذي جعل خدمة الديون مرهقة على نحو متزايد.
ويقدم الخبير الاقتصادي سونج وون سون من جامعة لويولا ماريماونت تقييمًا صارخًا. إن فورة الإنفاق الأميركية، التي كانت تبدو بلا عواقب ذات يوم، تواجه الآن واقعا قاسيا. إن ديون البلاد، التي ترتفع مثل قمة إيفرست المالية، تلقي بظلالها الطويلة على مشهدها الاقتصادي.
الآفاق المستقبلية: بحر من عدم اليقين الاقتصادي
قد لا يشكل هذا الدين الهائل، الذي يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، طائر القطرس حول عنق الاقتصاد في الوقت الحالي، لكن آثاره المستقبلية تنذر بالسوء. وعلى الرغم من الدعم المستمر من المستثمرين، فإن مسار الدين يشكل مخاطر كبيرة على الأمن القومي والبرامج الحيوية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية. ويضيف الصراع السياسي حول سقف الديون طبقة أخرى من عدم القدرة على التنبؤ.
ويكشف المنظور الدولي عن تحول. وبدأت دول مثل الصين واليابان، التي كانت في السابق مشترية متعطشة للديون الأمريكية، في تقليص ممتلكاتها. وتسلط مؤسسة بيترسون الضوء على انخفاض كبير في ملكية الديون الأجنبية، من 49% في عام 2011 إلى 30% فقط بحلول نهاية عام 2022.
يؤكد مايكل بيترسون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة بيترسون، على خطورة الوضع. ومع توقع أن تقترض وزارة الخزانة ما يقرب من تريليون دولار إضافية بحلول نهاية مارس/آذار، تجد الولايات المتحدة نفسها في وضع غير مستقر لتحقيق التوازن المالي.
وفي حين أن الدين، الذي يبلغ متوسطه حوالي 100 ألف دولار لكل مواطن، لم يخنق النمو الاقتصادي الأمريكي حتى الآن، فإن تقدمه دون رادع يهدد بتفاقم التضخم والحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة. وقد يؤدي هذا السيناريو إلى رفع تكلفة إدارة الدين الوطني.
الاستراتيجيات السياسية: ساحة المعركة المالية
تشهد الساحة السياسية انقساما في معالجة أزمة الديون. وتدعو إدارة بايدن إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، إلى جانب تعزيز مصلحة الضرائب، لتضييق العجز في الميزانية. ومن المحتمل أن يسترد هذا النهج مئات المليارات من الدولارات على مدى العقد المقبل.
وعلى العكس من ذلك، يدافع الجمهوريون عن خفض الإنفاق غير الدفاعي وإلغاء الإعفاءات الضريبية على الطاقة النظيفة. ويقترحون أيضًا تقليص ميزانية مصلحة الضرائب لبايدن وإجراء المزيد من التخفيضات الضريبية، وهي استراتيجيات قد تؤدي إلى تفاقم الديون.
ومن المتوقع أن تصبح لعبة شد الحبل المالي هذه قضية مركزية في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض مايكل كيكوكاوا الوضع بأنه "ديون متدفقة إلى الأسفل". وعزا ذلك إلى سياسات الجمهوريين. في المقابل، يعزو المشرعون الجمهوريون ارتفاع التضخم في 2022 إلى ممارسات الاقتراض في ظل إدارة بايدن.
يسلط شاي أكاباس من مركز سياسات الحزبين الجمهوري والديمقراطي الضوء على عدم استدامة هذا المسار. وإذا لم تتم معالجتها، فقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، والركود، والبطالة، والمزيد من الاضطرابات التضخمية.
في جوهره، يتجاوز الدين الوطني الأمريكي مجرد الأرقام المالية. إنها تمثل أزمة تلوح في الأفق، مع تداعيات محتملة يتردد صداها عبر الاقتصاد. إن رحلة أميركا عبر هذه المتاهة المالية محفوفة بالتعقيد وتتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة، مما يجعلها قصة اقتصادية عالية المخاطر.