أعلنت شركة تيك توك، منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة المملوكة لشركة بايت دانس الصينية، عن تسريح عدد كبير من موظفيها حول العالم، مما يمثل تحولاً محورياً في استراتيجيتها التشغيلية. يتم تسريح مئات الموظفين مع تحرك الشركة لدمج الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق في عمليات تعديل المحتوى. هذا القرار هو جزء من مبادرة أوسع تهدف إلى تعزيز الكفاءة وتعزيز قدراتها العالمية في تعديل المحتوى.
تسريحات عمالية واسعة النطاق في ماليزيا
ومن بين الدول الأكثر تضررا من عمليات التسريح ماليزيا، حيث استغنت تيك توك عن جزء كبير من فريق تعديل المحتوى. ووفقا لمصادر الشركة، تم الإبلاغ في البداية عن إلغاء أكثر من 700 وظيفة في ماليزيا، على الرغم من أن تيك توك أوضحت لاحقًا أن العدد كان أقرب إلى 500. عمل معظم هؤلاء الموظفين في تعديل المحتوى، مما يضمن التزام منصة تيك توك بإرشادات المجتمع والمتطلبات القانونية.
تم إبلاغ الموظفين بفصلهم عبر البريد الإلكتروني في وقت متأخر من يوم الأربعاء 11 أكتوبر، في خطوة قوبلت بالدهشة في جميع أنحاء القوى العاملة. وفي حديث لوكالة رويترز، أشار المطلعون إلى أن القرار كان جزءًا من استراتيجية أكبر لتبسيط العمليات، مع التركيز المتزايد على الأتمتة بدلاً من العمالة البشرية.
الذكاء الاصطناعي يتولى زمام المبادرة في إدارة المحتوى
إن اعتماد تيك توك على الذكاء الاصطناعي في تعديل المحتوى ليس بالأمر الجديد. فالمنصة تستخدم بالفعل نهجًا هجينًا يجمع بين أنظمة الكشف الآلية والمشرفين البشريين. ومع ذلك، يشير هذا التحول الأخير إلى دفعة أقوى نحو العمليات التي يقودها الذكاء الاصطناعي، حيث ذكرت الشركة أن 80٪ من المحتوى الذي ينتهك إرشادات المجتمع يتم إزالته الآن من خلال التقنيات الآلية.
وتشكل عمليات التسريح جزءًا من جهود إعادة الهيكلة الأوسع نطاقًا التي تقول تيك توك إنها ستحسن الكفاءة التشغيلية مع الحفاظ على معايير الثقة والسلامة في المنصة. وقد التزمت الشركة باستثمار 2 مليار دولار عالميًا في مبادرات الثقة والسلامة هذا العام، مما يؤكد جهودها المستمرة لخلق بيئة آمنة لمستخدميها.
وقال متحدث باسم تيك توك ردًا على عمليات التسريح: "نحن نجري هذه التغييرات كجزء من جهودنا المستمرة لتعزيز نموذج التشغيل العالمي لدينا لإدارة المحتوى". وفي حين تأثر مئات الموظفين على مستوى العالم، تنظر الشركة إلى التحول إلى إدارة المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتوسيع نطاق عملياتها بشكل أكثر فعالية ومواكبة المتطلبات التنظيمية المتزايدة.
الضغوط التنظيمية في ماليزيا
وتأتي عمليات التسريح أيضًا في وقت يواجه فيه TikTok تدقيقًا تنظيميًا متزايدًا في ماليزيا. وقد أدخلت الحكومة الماليزية ضوابط أكثر صرامة على منصات التواصل الاجتماعي، مما يتطلب منها الحصول على تراخيص التشغيل بحلول يناير كجزء من الجهود الرامية إلى الحد من الجرائم الإلكترونية والمحتوى الضار عبر الإنترنت. وفي وقت سابق من هذا العام، أبلغت ماليزيا عن زيادة كبيرة في المحتوى الضار على وسائل التواصل الاجتماعي، وحثت منصات مثل TikTok على تحسين أنظمة مراقبة المحتوى الخاصة بها.
من خلال التحول نحو الإشراف بالذكاء الاصطناعي، تهدف تيك توك إلى مواكبة المتطلبات التنظيمية المتزايدة، ليس فقط في ماليزيا ولكن على مستوى العالم. يُنظر إلى الأنظمة الآلية على أنها حلول أكثر قابلية للتطوير في التعامل مع الكم الهائل من المحتوى الذي يتم تحميله على المنصة يوميًا، مما يوفر استجابة أسرع للمنشورات الضارة مقارنة بالإشراف البشري.
مزيد من التغييرات في الأفق
تشير التقارير إلى أن الشركة الأم لتطبيق تيك توك، بايت دانس، قد تبدأ في تسريح المزيد من الموظفين الشهر المقبل في إطار سعيها إلى تعزيز عملياتها الإقليمية. ومع وجود أكثر من 110 آلاف موظف موزعين على أكثر من 200 مدينة حول العالم، تواصل بايت دانس تحسين نموذج أعمالها، وتحقيق التوازن بين الإشراف البشري والتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.
أعلن بنك الاحتياطي الماليزي لأول مرة عن تخفيضات الوظائف يوم الخميس، مما يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه شركات التكنولوجيا العالمية العاملة في ماليزيا. البيئة التنظيمية آخذة في التشدد، ويمكن اعتبار قرار تيك توك بتبسيط تعديل المحتوى من خلال الذكاء الاصطناعي بمثابة إجراء استباقي للبقاء في طليعة هذه التغييرات.