أول إعلان سياسي باستخدام الذكاء الاصطناعي في أستراليا يثير ضجة في كانبيرا
خاض الحزب الليبرالي الأسترالي مجالًا جديدًا بإطلاق أول إعلان سياسي في البلاد تم إنشاؤه بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي ظهر لأول مرة في كانبيرا.
وتمثل هذه الخطوة الجريئة تحولاً كبيراً في الوقت الذي تستعد فيه الأمة للانتخابات الفيدرالية الوشيكة في عام 2024.
ورغم أن الإعلان من المقرر أن يذاع في كانبيرا فقط، فإن تداعياته المحتملة قد تمتد إلى جميع أنحاء البلاد.
تم إنشاء الإعلان بواسطة Topham Guerin، الوكالة المعروفة بحملة Scott Morrison الناجحة في عام 2019، ويستخدم الإعلان الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقطع مزيف لرئيس وزراء إقليم العاصمة الأسترالية (ACT)، أندرو بار.
يركز الإعلان الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي على استياء الناخبين، مع تعليق صوتي ينص على،
"في كل مرة يحين وقت التصويت، يصوت بوب لنفس الحزب... بعد 20 عامًا من الوعود المكسورة - نحن لسنا سعداء يا أندرو."
يمثل هذا الاستخدام للذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية أداة جديدة ومثيرة للجدل في السياسة الأسترالية.
تقنية Deepfake: آفاق جديدة في الحملات الانتخابية؟
إن قرار توبهام جيرين باستخدام مقطع فيديو مزيف تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لشخصية سياسية يضفي مستوى جديدًا من الابتكار التكنولوجي على استراتيجيات الحملة.
إن تصوير أندرو بار في الإعلان، والذي تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، ليس إنجازًا تقنيًا فحسب، بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى التأثير على الناخبين في إقليم العاصمة الأسترالية.
تمثيل مزيف لأندرو بار، رئيس وزراء إقليم العاصمة الأسترالية (ACT).
تظل تقنية التزييف العميق التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، على الرغم من وجودها بالفعل في بلدان أخرى، مثل كوريا الجنوبية، قضية مثيرة للجدل في أستراليا.
في كوريا الجنوبية، قد يؤدي استخدام التزييف العميق للتأثير على الانتخابات إلى عقوبات شديدة، بما في ذلك السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات.
ومع ذلك، فإن الإطار القانوني في أستراليا لم يواكب بعد هذا الاتجاه المتنامي.
وتبذل الأحزاب السياسية جهودا كبيرة لتجاوز الحدود، واختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على تشكيل الرأي العام وقرارات الناخبين، كما يتضح من هذه الحملة التي ركزت على كانبيرا.
الذكاء الاصطناعي في السياسة الأسترالية: هل يشكل تهديدًا للديمقراطية؟
لقد أثار الحضور المتزايد للذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية المخاوف بشأن مخاطره المحتملة.
تدرس الحكومة الفيدرالية حاليًا إصلاحات قوانين الإعلانات الانتخابية، ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات في عام 2024، هناك مخاوف من أن التنظيم قد يأتي متأخرًا جدًا.
أعرب السيناتور المستقل ديفيد بوكوك عن قلقه قائلاً:
"مخاوفي هي أن الحكومة والبرلمان نائمان على عجلة القيادة."
ويطالب بعض الساسة، بما في ذلك بوكوك، باتخاذ إجراءات فورية، خوفا من أن يشكل الاستخدام غير المنظم للذكاء الاصطناعي تهديدا للعمليات الديمقراطية.
ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في طمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والتلاعب، يبقى السؤال قائما حول ما إذا كان النظام السياسي في أستراليا مجهزا للتعامل مع هذه التكنولوجيا المتطورة.
الخلافات الماضية: الدروس المستفادة من تجربة الذكاء الاصطناعي في كوينزلاند
واجه الحزب الوطني الليبرالي في كوينزلاند ردود فعل عنيفة بعد نشره مقطع فيديو مزيفًا منخفض الجودة لرئيس الوزراء ستيفن مايلز وهو يرقص.
ورغم أن الفيديو ربما اعتبره البعض غير مؤذ، إلا أن مايلز دق ناقوس الخطر بشأن تداعياته الأوسع نطاقا.
وحذر من أن الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في السياسة يمكن أن يمثل "نقطة تحول خطيرة للغاية".
وتسلط مخاوف مايلز الضوء على القلق المحيط بتأثير الذكاء الاصطناعي في الحملات السياسية.
وفي حين تضمن مثال كوينزلاند استخدامًا منخفض المستوى لتقنية التزييف العميق، فإن إعلان كانبيرا يشير إلى تطبيق أكثر تطورًا وقوة محتملة للذكاء الاصطناعي، مما أثار الجدل حول الآثار الأخلاقية وتأثيرها على الانتخابات المستقبلية.
وزارة المالية في سنغافورة تواجه ردود فعل عنيفة بسبب إعلان تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي
وقد خاضت سنغافورة أيضًا تجربة استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى الترويجي، ولكنها واجهت انتقادات كبيرة بسبب جهودها.
تعرضت وزارة المالية مؤخرًا لانتقادات شديدة لاستخدامها أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء صورة ترويجية لحزمة الضمان المحسنة، وهو مخطط مصمم لتقليل الضغوط المالية على الأسر.
وتعرضت الصورة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تمت مشاركتها على موقع إنستغرام، لانتقادات شديدة بسبب ميزاتها غير الطبيعية، مثل يد امرأة بإصبع إضافي ومصابيح الشوارع المشوهة، مما دفع الكثيرين إلى وصف الصورة بأنها "مخيفة" و"مروعة".
وأثار الإعلان جدلاً أوسع حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الرسائل الحكومية، حيث قارنه بعض مستخدمي الإنترنت بصور الاحتيال الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
هل المخاطرة تستحق المكافأة؟
إن استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنية التزييف العميق في المواد الترويجية الوطنية يمثل معضلة معقدة.
ورغم أن هذه الأدوات توفر فرصة فريدة لإشراك الجماهير وصياغة سرديات مقنعة، فإنها تشكل أيضاً مخاطر كبيرة على الأصالة والثقة.
لا يمكن إغفال إمكانية نشر معلومات مضللة والتلاعب.
وبينما تكافح الدول للتعامل مع آثار هذه التقنيات، يبرز سؤال بالغ الأهمية: هل يبرر جاذبية الإبداع المعزز التآكل المحتمل للثقة العامة؟
وسيكون تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية الأخلاقية أمرا ضروريا للتنقل في هذا المشهد الخطير.
هل ستنظم أستراليا الذكاء الاصطناعي في الوقت المناسب لانتخابات عام 2024؟
مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية، أصبح السباق لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية أكثر إلحاحًا.
ويدعو سياسيون مثل ديفيد بوكوك إلى اتخاذ إجراءات فورية، محذرين من المخاطر التي يفرضها الاستخدام غير المنظم للمحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ولكن الحكومة لم تنته بعد من إدخال أي تعديلات على قوانين الإعلانات الانتخابية، مما يترك فجوة كبيرة في معالجة هذه القضية الناشئة.
مع انتشار المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي على نحو متزايد، تتزايد الضغوط على المشرعين في أستراليا لسن لوائح تحمي نزاهة العملية الانتخابية.
لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت الحكومة قادرة على التحرك بسرعة كافية، ولكن الاستخدام الحالي لمقاطع الفيديو المزيفة في الإعلانات السياسية قد شكل بالفعل سابقة قد تشكل مستقبل الانتخابات الأسترالية.